2008/03/27

بازين البشنا ... ومواضيعى فى منتدى طرابلس

( البازين ) أكلة شعبية ليبية رافقت الإنسان الليبي منذ أن كان له في التاريخ ذكر ... وتتعدد أكلة ( البازين ) وتتنوع .. فالبازين بالإدام ( باللوسة ) والبازين بإدام لحم ( القعود )(1) وهو أطيبه ، والبازين بلحم ادام ( الخروف / الحولى ) وهو أدسمه، والبازين بادام لحم ( الفروج / الديك ) والبازين ( بالحساء الأبيض ) والبازين ( باللبن ) وهو أفقره .البازين يصنع من دقيق ( الشعير ) بعد أن يلين ويغربل ثم يوضع فى قدر به ماء يغلى مع قليل من الملح، يلت ويعجن ( بالمغرف )(2) ليتجانس ويتكتل إلى أن ينضج ثم يكور على شكل ( قبة ) ويوضع فى ( القصاع ) وأحسنها ما تكون قصاع ( عود / خشب ) . ثم يصب الإدام على تلك القبة بما فيها من بيض وبطاطس ولحم أو حتى ( قرقوش )(3) . ( البازين ) يؤكل باليدين بعد غسلهما بالماء والصابون .. ولا يجد الليبيون غضاضة فى أكله مع آخرين .. لكن فى الوقت الحاضر بدأ الناس يختارون رفاقهم فى القعدة الجلسة للإطمئنان على نظافة اليدين . هذا ( البازين ) ما زال منتشرا فى كل المناطق ... وهو يكثر فى المناطق الغربية ويقل كلما اتجهنا شرقا . أفخر أنواع ( البازين ) هو ( الجبالى ) ابتداء من منطقة غريان ثم صعدا إلى يفرن ونالوت وغيرهما من المناطق الجبلية حيث يعجن دقيق الشعير ويتخمر ثم يضاف الى الماء المغلى فى القدر ثم يلت ويكور على غير عادة أهل طرابلس وسوق الجمعة حيث يصب الدقيق مباشرة الى ماء القدر المغلى ثم يلت الى أن يتجانس ثم يكور . هناك نوع آخر من ( البازين ) لا يعرف إلا فى ( الهنشير وشط الهنشير )(4) و ( البشنا / البشنة ) نبات ينمو فى منطقتي ( الهنشير وشط الهنشير ) وينمو فى ( مصراتة أيضا )(5) فى سوق الجمعة يصنع من دقيق البشنا ( بازين البشنا ) وفى مصراتة يصنع منه ( البلفيطة ) وافرق واضح بين الأكلتين ... ( بازين البشنا ) يؤكل عادة بادام ( القرنيط / الأخطبوط ) أما ( البلفيطة ) فتسقى بحساء حار مع ( شحمة غاوية ) وهى لينة وطرية على عكس ( بازين البسنا ) الجامد اليابس . ( بازين البشنة ) صلد كالصخر .. ( البلفيطة ) لينة كالعصيدة !!وقد كان ( لبازين البشنة ) مكان الصدارة فى المجتمع الليبي الزراعى وبالذات فى سوق الجمعة ... ومن تتحفه بأكلة ( بازين بشنا ) بالقرنيط فقد أكرمته غاية الإكرام . ومن المعلومات الهامة أن عجينة ( بازين البشنة ) لا تتخمر أى لا تفسد مثل عجينة ( دقيق الشعير ) ولذلك فانه إذا ما بقى من وجبة ( الغذاء أو العشاء ) فانه يترك الى صباح اليوم التالي ، حيث يقوم الفلاح بوضع باقي كتلة بازين البشنا فى ( الميدة )(6) لتلين وتتحلل، وتكون إفطار له مع قليل من الطماطم والفلفل الأخضر ( شرمولة )(7) . وما أطيبها من وجبة . فى يوم ما دخل ( البازين ) الى موسوعة قينس القياسية ... فقد صنعت أسرة السيد ( ماشاكو )(8) بحارات سوق الجمعة قصعة ليس لها مثيل فى تلك الفترة .. ربما أكبر من قصعة مهرجان الأرز في ( دبى ) وما زال الناس حتى الآن يتحدثون عن ( قصعة ماشواكو ) أو ( جبل البازين ) ... ولها قصة طويلة تناولها عدد من الكتاب الليبيين . نبات البشنة صعب الزراعة صعب التشتيل صعب النمو صعب الجني صعب فصل البذور ,,, ولقد ارتفع سعره وغلى ثمنه وقل المعروض من هذه الحبوب بسبب عدم قدرة الفلاحين على زراعتها !!! التساؤل والإستغراب واضح على وجوهكم : ما علاقة ( بازين البشنا بموضوعاتك ) ... ( بازين البشنة ) كما قرأتم ( نبات البشنة صعب الزراعة صعب التشتيل صعب النمو صعب الجني صعب فصل البذور صعب الطهي، ولقد ارتفع سعر بذور ( البشنا ) وغلى ثمنها وقل المعروض من هذه الحبوب بسبب عدم قدرة الفلاحين على زراعتها !!! ) .
ومواضيعي كذلك .. أبحث عنها في مضانها بصعوبة ... وأقتبس ما أقتبس بذورا من الكلم تستأهل الغراس ... ثم أتعهدها بالرعاية والحذف والتغيير والتبديل ... لتنموا فى بيئتها صحيحة معافاة .. ثم يكون الجنى موضوعات في غاية السبك والإتقان يستفيد منها القارئ وهو مطمئن إلى أن ما يقرأه صحيحا لا يحتاج إلى مراجعة فإذا ما ولى شطره نحو المراجع فانه يجد الموثق والصحيح منها فينام قرير العين . البعض من الليبيين لا يعجبه ( بازين البشنا ) بل إن الكثير من الشباب لا يعرفونه ولا يعرفون بذوره ولم يسمعوا بها لا هي ولا ( بازينها ) بل هناك من لا يستسيغ حتى ذكر كلمة ( بازين ) فما بالك بأكلها !!
ولهذا فان البعض يرى أن ( مواضيعي ) طويلة وتحتاج الى إعمال العقل والفكر وهى مستفزة و( حارة ) ولا تمارى ولا تمالى ولا تجارى ولا تنافق ولا تكذب، ولذلك فان القراء عادة ما يغضون الطرف ويذهبون الى غير مكان فيه مواضيع لينة تبلع ولا تلاك مثل ( العصيدة ) ...
بل هناك من يحاول القفز بين السطور والبحث عن ( طوبة )(9) فى النص فى محاولة للتقليل الجهد المبذول أو وصف الصانع بأنه غير ماهر فى الصياغة . ولعلكم لاحظتم أن المواضيع المنشورة تم انضاجها على نار ( حطب ) هادئة وليست على ( نار الغاز ) سريعة الإنضاج لا نكهة ولا لذة فيها ... وكلنا يعرف الفرق بن ( نار الحطب ) و ( نار الغاز ) أيهما أطيب ؟
هى خاطرة أوحتها الى قصعة ( بازين بشنا ) فى شط الهنشير عند أحد الأصدقاء ( الشيابين ) أستعرضها هنا تغييرا للجو المشحون والمحبط فى منتدى طرابلس ... أتراكم تسليتم ...
ونصيحة لا تغامروا بتناول ( بازين بشنا ) فرفسه صعب وهضمه أصعب .. لمن لا يعرف أصول ( الرفس ) واللقم .
ـ نشر الموضوع فى منتدى طرابلس ، وأعيد نشرها هنا للعظة والعبرة !!
ـ صورة قصعة البازين من حد مواقع الإنترنت الليبية لا أذكر اسمه .
الهوامش :
(1) القعود : الجمل صغير السن . (2) المغرف وتنطق فى اللهجة ( المُغرف ) بضم الميم ، وهو أداة خشبية مفلطحة من الأسفل للت وعجن ( البازين ) . (3) القرقوش : هو اللحم المجفف يقلى فى الزيت ويحفظ، ويكثر فى عيد الأضحى، ويستخدم فى أكلة أخرى هى ( الشكشوكة بالدحي ) وهى معروفة . (4) الهنشير وشط الهنشير منطقتان فى سوق الجمعة بطرابلس . كانت تشتهر بالزراعة التي تنتج كثيرا من الغلال والفواكه والنمور والحبوب ومنها ( الشعير والقمح والذرة والبشنا ) . (5) مصراته مدينة آهلة بالسكان لها تاريخ وحضارة تشتهر بزراعة الحبوب وتنتج التمور وبها ميناء هام اسمه ميناء ( قصر أحمد ) . (6) الميدة : جزء من البئر العربي وهو عبارة عن مربع يستقبل الماء من الدلو الذى يمر الى الجابية عبر مجرى مائي صغير يسمى ( ساروط ) . (7) الشرمولة : سلطة مكونة من طماطم وفلفل أخضر وقليل من البصل تلث حتى تتجانس ، وتؤكل مع الخبز الأبيض أو خبز الفرن المصنوع من الشعير أو ( بازين البشنا ) اليابس . (8) ماشاكو هو : السيد اشتيوى ماشاكو من سكان منطقة الحارات بسوق الجمعة التي كانت تنتج أفخر أنواع الزيت ، يقال : ( زيت حاراتى ) . (9) الطوبة : دائرة صغيرة من الدقيق نتيجة تخلل الهواء عند عجن عجينة البازين، ويدل وجودها على عدم مهارة ربة البيت ، فالبازين ( المطوب / الذى به طوب ) قليل القيمة عند الضيوف . وفى اللغة ، الطوبة :هى قطعة دائرية صغيرة من الطين، لا تؤذى عادة وتتفتت عند ملامستها لأي شئ صل والطوب هو ( الآجر ) الأحمر المعروف فى مصر ويستخدم فى البناء والتشييد حتى الآن

هناك 6 تعليقات:

Unknown يقول...

ربي يصلح حالك

هعغفقثص يقول...

سرد رائع والاسلوب راقي جدا

Unknown يقول...

دقيق اابشنة صحى

Faisal يقول...

مشكور علي السرد الجميل، الله يرحمه جدي من هو من قام بفكرة قصعة البازين اللي قاموها عشرات من الناس من جيرانه وسميت قصعة مشاكو نسبة لإسمه إشتيوي مشاكو.
هو والد الحاجة نوارة أمي ربي يعطيها صحتها .
أمي حكتلنا علي القصعة انها كانت في بداية الخمسينات القصة في منطقة الحارات .

غير معرف يقول...

ما اصول هذه العائلة

غير معرف يقول...

انت فيصل ولد نوارة تسكنو في ورا شارع الزاويه؟